top of page

اجتماعًا سباعيا "قمة لندن الخاصة"... الأزمة الليبية المردَة والعلاقة المستجدّة

في غمرة اهتمامات دول العالم بالقضية الليبية اﻷمنية منها والسياسية والعسكرية التي ترتبت عنها مخاض الانقسامات في ليبيا حاليا بين الشرق والغرب مع ميليشيات منفصلة وفصائل سياسية متعددة.

تسللت بعض التطورات المتعلقة بالقضية الليبية وعلاقة ليبيا بالسياسة الدولية عند استضافت واجتماع "قمة لندن الخاصة" التي استضافها وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لبحث مسألة كوريا الشمالية والحاجة الى زيادة الضغط عليها وتحقيق السلام في ليبيا عند وجود غموض إنهاء الأزمة السياسية الليبية في العاصمة البريطانية لندن.

كان الاجتماع يهدف الى محاولة إيجاد وسيلة لكسر الجمود السياسي في ليبيا وتحقيق الاستقرار في هذه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا التي يطلق عليها اسم "ليبيا" في محاولة للمساعدة التعامل مع قضية الهجرة غير القانونية عبر المنافذ الليبية.

أما الفوضى التي انتشرت في البلاد كانت نتيجة حتمية لغياب مؤسسات الدولة الأمنية الليبية المعمول بها والهشاشة السياسية القيادية الليبية عند الحكومات الليبية مع وجود وانتشار المليشيات الليبية المسلحة لتتحكم في مفاصل الاقتصاد الوطني الليبي.

لقد حضر فعليات الاجتماع الوزاري السباعي في العاصمة البريطانية لندن ريكس تيلرسون وزير خارجية أمريكيا حيث تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الى بعض التحركات نحو إعطاء هيكل وطاقة من تشجيع لجميع الفصائل المتحاربة في ليبيا.

إن نظرت الولايات المتحدة عند وزير خريجتها ريكس تيلرسون في تغير خطة لاستئناف المحادثات السياسية الليبية بما في ذالك تغيرات في اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في ديسمبر عام 2015.

تقول الوزارة الخارجية البريطانية أن الاجتماع بشأن ليبيا فرصة لدعم جهود الأمين العام المساعدة في إحلال السلام والاستقرار وهي جزءا حيويا من جهود المملكة المتحدة الرامية لمكافحة خطر الإرهاب ومسألة الهجرة غير المشروعة لأنها تلك المشكلة التي على مقربة من أوروبا.

الوزارة الخارجية الايطالية بوجود وزيرها أنجيلينو ألفانو شارك في قمة لندن الخاصة التي ناقشت وضع العملية السياسية ودعم الأمم المتحدة في هذا الشأن الخاص بعملية السلام في ليبيا الذي سيدعو إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في نيويورك 20 سبتمبر الجاري والتي فيها خارطة طريق وتغيرات في اتفاق الصخيرات ووضع دستور ليبي للبلاد.

فشل توحيد الفصائل المتحاربة في شرق وغرب ليبيا مما كانت الولايات المتحدة منسحبة الى حد كبير من الأزمة الليبية منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السلطة السياسية.

بالإضافة الى هذا الاجتماع كان لقاء وزراء الخارجية الأمريكي تيلرسون، والإيطالي أنجيلينو ألفانو، والمصري سامح شكري، ووزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات العربية المتحدة أنور بن محمد قرقاش، ومدير الشؤون السياسية الفرنسي نيكولاي دو ريفيير.

وآما عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي الطلابي ينتقد "قمة لندن الخاصة" بتواجد مصر والإمارات العربية وعدم تواجد تونس والجزائر والمغرب التي استضافت الصخيرات وأسست حكومة الوفاق الوطني فأن القمة تمثل رسالة سلبية الى الليبيين الذين "اكتووا ومازالوا يكتوون بالنيران المصرية والإماراتية".

مستجدات جديدة على الساحة السياسية وتحركات دولية في شأن الملف السياسي الليبي فقد قرر مجلس الأمن الدولي مد مهمة عمل بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عاما جديدا، الذي يحمل غسان سلامة معه ملف ليبيا، محاولا قيادة الأطراف الليبية المتنازعة الى بر السلام وحالة إنهاء الانقسام بين الأطراف الليبية المتنازعة.

المخاوف التي تعوق المبعوث الخاص والجديد غسان سلامة عملية تداخل مبادرات السلام الأوروبية والشرق أوسطية لليبيا التي تعقد هنا وهناك، لقول غسان سلامة أن " الكثير من الطهاة يفسدون المرق أو الطبيخ"، كانت تلك رؤية "سلامة" بشأن مستجدات الوضع السياسي في إصراره واستمرار اتصالاته شخصيا مع الدول الإقليمية والدولية بهدف إنهاء الانقسام الذي من شأنه يقود الى الأمان والاستقرار.

ولعا ينتعش غسان سلامة بلقاء القادة السياسيين والمسئولين والناشطين السياسيين الليبيين وكذالك الشخصيات الدولية الأخرى التي لها مصلحة في ليبيا، في ما توصل إليه من حوارات ولقاءات مع الكثير، فهو لديه مقترحا عن تعديلات مختلفة في كيفية الاتفاق السياسي الليبي، ومن المقرر أن يعرض رسميا أفكاره خلال اجتماع سيعقد في نيويورك الأسبوع المقبل على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.

سلسلة من المبادرات السلام كانت في الأيام والأشهر القليلة الماضية التي شملت مؤتمر القاهرة ودبي وفرنسا، الخطط التي أطلقها ايمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي التي تشابهت مع خطة ايطاليا فأثرت غضب السلطات الايطالية بذالك.

بذلت هولندا جهودا لجمع الأطراف الليبية معا وأما القمة الأفريقية المصغرة في الكونغو برازافيل لم تسفر أي نتائج ملموسا سؤ أنها احتضنت فيها اللقاء تزامنا مع الذكرى الثامنة عشر لإعلان الاتحاد الأفريقي الذي تأسس في المدينة الليبية سرت عام 1999.

وفي هذه المرة آتى الاجتماع السباعي بناء على مبادرة بريطانيا لتوجيه دفع الجهود وتحقيق المصالحة وتنفيذ اتفاق الصخيرات والتأكيد على محورية دور الأمم المتحدة الذي يقوم به غسان سلامة الممثل الرسمي لملف القضية الليبية.

التطورات في ليبيا المتعلقة بالأزمة الليبية كانت ولتزال على خصوم حادة بين رموز النظام الجماهيري القديم، والكثير منهم لازال متواجد داخل البلاد والبعض الأخر خارجها عند استضافتهم في دول عربية منها مصر وتونس والجزائر والمغرب ودول أجنبية عديدة.

أما رجال فبراير الذين يشكلون المليشيات الإسلامية الليبية المسلحة التي تسيطر على مفاصل الدولة الليبية والبعض منها موالي الى حكومة السراج حكومة الوفاق الوطني هي القوى المضادة للمشير خليفة حفتر الذي ليزال يقود عملية الكرامة وتحرير ليبيا بالكامل من القوى الإرهابية المنتشرة في ربوع الوطن.

تكتلات سياسية وإيديولوجيا ودينيا وجهويا متميزة في سلبياتها نحو الوطن الليبي التي تتصارع على السلطة في غياب نظام الجماهيرية الليبية السابق لأنهم بعيدون عن الشريحة الليبية الوطنية الواسعة التي ليس لها أي انتماءات بتلك الفصائل السياسية الليبية المتنازعة.

لم يكن النافر بين القطبين المتنازعين حصيلة ثورة فبراير وحسب، بل كان يرتكز أيضا على خلافات في المواقف السياسية والملفات العالقة من قبل والتي كانت في طليعتها المعارضة الليبية لنظام حكم الجماهيرية الليبية من الخارج التي اليوم تشارك رجال فبراير بعد الثورة الشعبية الليبية في انتماءاتهم الإسلام السياسي.

انحازت الكتائب والمليشيات والجماعات المسلحة الليبية الى ثورة السابع عشر من فبراير عند موقع الخصم ضد رموز النظام السابق في ليبيا بعد انبلاج ثورة السابع عشر من فبراير لعام 2011.

تمكنت قيادات الكتائب والمليشيات والجماعات الإسلامية المسلحة داخل ليبيا منذ الثورة حتى الآن الإمساك بزمام الأمور في ليبيا والتي تعمل على قبع بعض من رموز النظام الليبي السابق في السجون الليبية حتى الآن وهذا ما يزيد من حدة الصراع بين الأقطاب السياسية الليبية.

تشهد ليبيا لقاءات عابرة ببعض الأقطاب الليبية المتنازعة بدون مخرجا رسميا بينهم في عملية الحوار الوطني الليبية المتكامل والشامل الذي يعمل على التفاوض السلمي والعمل على الارتقاء الى مصاف الاجتماعات الرسمية بينهم داخل الوطن الليبي.

إن تعدد الاجتماعات واللقاءات مع بعض الأطراف الليبية المتنازعة خارج الوطن الليبي برعاية دولية سواء كانت رباعية أو خماسية أو سداسية أو حتى سباعية لا تعمل على إخراج نتائج سليمة وإنها عمل الفوضى والدمار والخراب دون وضع اعتبار للقوى الأخرى المضادة التي لها حق المشاركة السياسية.

ولم يتناول الاجتماع تنسيق جهود وتحركات كل الأطراف الليبية المتنازعة في ما بينهم بهدف إنهاء حالة الخمول والجمود والانقسام والتوافق في اللحمة الوطنية الشاملة والكاملة في ليبيا.

تمهيدا ومهدا لقيام تخاطب سياسي جديد بين الفرقاء الليبيون لوصول المرحلة الجديدة بين الجانبين المتنازعين، ما هي الاعتبارات السياسية الليبية الدافعة الى تفعيل العلاقات السياسية بينهم بعد الانتهاء من الاجتماع السباعي في العاصمة البريطانية لندن؟

أهداف عدة تأتي في مقدمتها درء مخاطر من وصل المشير خليفة حفتر الى سدة الحكم في ليبيا عند مرحلة انتقالية والهدف منها استقرار الوطن الليبي.

ومن جهة أخرى يتطلب فيها التعاون الانتخابي المشترك بين الفرقين الشرق والغرب عند اكبر دائرة انتخابية في ليبيا معتبره الوزارة الخارجية البريطانية برئاسة بوريس جونسون إن خطط ليبيا للعمل على أجراء انتخابات عام 2018 يكون الجدول الزمني المناسب لذالك العمل السياسي.

وبناء على ذالك بتحقق على ارض الواقع الليبية لما جاء في باريس في شهر يوليو الماضي من تعهد القادة المتنافسون الليبيون بالعمل على إجراء انتخابات في عام 2018 .

انتخابات مشروطة بوقف إطلاق النار مع إصدار قوانين دستورية وانتخابية لضمان حصول أي تصويت على النهج الديمقراطي العصري والتغير الدائم في ليبيا مع وجود دستور ليبيا الدائم على أساس قبول لإجراء هذه الانتخابات الديمقراطية الشعبية الليبية.

دائرة انتخابية تشكل حلبة واسعة لجموع الشعب الليبي نحو استقرار وامن الدولة الليبية المعاصرة عند عملية سياسية دستورية وطنية تخلو من السذاجة والانقسام والتجزئة ولكن لا تخلو من حقيقة الوضع الراهن المزري الذي يعيشه الشعب الليبي في حياته المعيشية اليومية.

بقلم الأستاذ رمزي حليم مفراكس

bottom of page