الانهيار الاقتصادي الأخير .. جاء في مؤشرات قيمة العملة الليبية
الانهيار الاقتصادي الأخير .. جاء في مؤشرات قيمة العملة الليبية
إن استمرار تراجع قيمة العملة الليبية كان استجابة لمطالب تطبيق سياسة توفير العملة الصعبة والكافية لاحتياجات المصارف التجارية الليبية بمعدلات صرف جديدة كإجراءات سريع لحل أزمة السيولة والأزمة المالية الليبية في اقتصاد ليبيا بشكل عام.
تذبذبات وتغيرات قيمة العملة المحلية لا تعمل على التطلع الى الوصول الى تطبيق خطط إصلاحية اقتصادية طويلة الآجل من خلال حلول مرحلية قصيرة ومتوسطة الأجل، لكن تخفيض قيمة العملة الليبية تعمل بدرجة أساسية على تقليص القوى الشرائية، خطوات كانت ولا تزال تتخذ كخطوات إستراتيجية وقائية مربوطة بعدم مواكبة غلاء أسعار السلع التي تلحق بالضرر على المواطن من اقتناء السلع الأساسية المتواجدة في الأسواق الليبية بأسعار مناسبة.
لقد تعمد المصرف المركزي الليبي الى تخفض قيمة العملة المحلية بشكل تدريجي تحسبا من العجز الرهيب في موارد الخزانة الليبية التي انعكس أثارها الاقتصادية عند التداول التجاري المحلي وفرض القيود عليها من نقص حاد في السيولة المالية عند المصارف التجارية الخاصة والمصارف الحكومية الليبية العامة.
لكن الواضح من تخفض قيمة العملة المحلية كان كعمل إجراء وقائي، عامل لن يساهم في الانتعاش التجاري الليبي ولهذا يجب ربط نقص السيولة بإجراءات عملية تطبيقية لإعادة بناء الثقة مع الجمهور بالقطاع المصرفي مرة أخرى ومع مراقبة الإنفاق الحكومي الداعم للمواد الأساسية المهربة خارج الدولة الليبية الى دول الجيران، حيث تعتبر الأفاق الاجتماعي وسيلة للحكومة الليبية لجسر الفجوة عند الفئات الاجتماعية المتضررة اقتصاديا.
خفض قيمة العملة المحلية الليبية (الدينار الليبي) لن يعمل على جذب الاستثمارات أو زيادة الصادرات و استعادة الإنتاج النفطي بسرعة وذالك في ضل ضعف وضع الاقتصادي الليبي، ومصرف ليبيا المركزي له الدور الحيوي لاستعادة الثقة المصرفية من جديد في مواجهة أزمة السيولة.
يمثل القطاع الاقتصادي الليبي الغير رسمي نسبة ثلثين أو أكثر من النشاطات التجارية ويمتلك ثروات طائلة خارج المنظومة الاقتصادية الليبية الرسمية، ولأنه اقتصاد غير رسمي فهو يعتبر اقتصاد خفي لا يخضع الى الهياكل الرسمية في الدولة الليبية والسبب في ذالك قصور الدول النامية من مثل دولة ليبيا التي تجاوزت فيها العماليات والنشاطات التجارية الغير الرسمية.
الانهيار الاقتصادي في ليبيا اخذ في التزايد يوما بعد يوم مما يعمل على زيادة المشاكل المتعلقة بالميزانية العامة للدولة الليبية في عملية الإنفاق على البنية التحتية والمنشات النفطية المتهالكة التي كانت في طريقها الى الاستعانة بمعدات وتقنية حديثة ومطلوبة لانتعاش الإنتاج النفطي.
مصرف ليبيا المركزي عليه اتخاذ قرارات اقتصادية حاسمة من إعادة النظر في ضع النظام الاقتصادي المتأزم واسترجاعه الى الطريق الصحيح والابتعاد عن "عملية المدار" من تدخل مصرف ليبيا المركزي من حين الى أخرى لحاجاتها السياسية المالية وهى عملية غير مرشدة التي تقوم بالدرجة الأولى الى تعويم العملة الليبية المحلية تاركة "عملية التعويم الحر" التي تخضع الى الأسواق العالمية في ضؤ حرية الحركة المالية من بيع وشراء العملات.
ولهذا يجب على الدولة الليبية الانتباه الى الفئات والطبقات المستهدفة اقتصادية حيث أن الإنفاق الحكومي يعتبر من الإنتاج المحلي الإجمالي ولكن الآثار الوخيمة على الاقتصاد القومي لا يزال في عجزه للوصول الى الطبقات الفقيرة والمهشمة في ليبيا والتي أصبحت تتزايد في العدد تاركة فجوة كبيرة بين الطبقة العليا الغنية المستفيدة من الأوضاع الاقتصادية الراهن.
ليس في حقيقة الأمر ضعف الدينار الليبي واستقرابه وتوجيه كمورد مالي لفك معانات الموطن الليبي من الأزمة الاقتصادية الخانقة بل يرجع الى المبادي الاقتصادية الليبية لاضمان إدارة النظم المالية العامة بشكل دقيقة وشفافة لحصول كل مواطن على نصيب ثابت من ثروات ودخل في شكل مستدام ومستمر لسد الحاجات والمتطلبات اليومية من السلع والخدمات.
إن إدارة النقد الكلي عند مصرف ليبيا المركزي التي شهدت في الفترة الماضية كانت مصحوبة بالنمو الاقتصادي البطيء دون ما ترتفع معها مستوىات الأجور والمرتبات في مواجهة المعيشة الحقيقية عند الأسواق الليبية وهذا أدى بذالك الى الأزمة التي توجها ليبيا اليوم.
أزمة اقتصادية أساسية لا يمكننا ببساطة العودة الى الوضع الطبيعي بسرعة من إعادة النظام الاقتصادي الغير رسمي (النظام الاقتصادي الخفي) الى الهياكل الرسمية الاقتصادية الليبية في الدولة الليبية من أسواق موازية لسعر الصرف وغيرها من الأسواق الغير الرسمية من السلع والخدمات المالية في ليبيا.
لكن لا يزال لدينا فرص من تحليل وتقيم الوضع الاقتصادي الراهن والنظر الى التضخم المالي كمسبب رئيسي في عملية الربكة الاقتصادية ما بين معدل صرف العملة المحلية الرسمية و معدلة سعر الصرف في الأسواق الموازية لمواجهة أزمة السيولة في البلاد.
النظر والبعد العميق في سياسات الدولة الليبية المالية والنقدية واستخدامهما كآليات ضبط ومرونة في جمع
الإيرادات والإنفاق الحكومي للتأثير مرة أخرى على مجرى الاقتصاد الليبي وفقا لما يجري من تأزم بموجب تشريعات قانونية نافذة.
مصرف ليبيا المركزي عبر خزانة الدولة الليبية يعمل على تغير السياسة المالية الليبية من على مستويات الضرائب وتقليص الإنفاق الحكومي بموجب التشريع الليبي، التقليص من المصاريف والنفقات غير مرشدة في الوقت الحالي ومن استعمال آلية الدولة الليبية السياسة النقدية في نفس الوقت.
ضخ العملة الصعبة خصوصا الدولار الأمريكي في المصارف التجارية والحكومية الليبية تعمل على التأثير الكلي على الطلب في الأسواق الموازية الليبية لتحقيق بها الاستقرار النسبي لدينار الليبي الذي اخذ في الهبوط في قمته الفعلية في الآونة الأخيرة وهذا مؤشر خطير في الانهيار الاقتصادي الأخير.
وان لم يتدخل مصرف ليبيا المركزي بصلاحياته السياسية النقدية وبحلول اقتصادية عاجلة من المتوقع أن يستمر الدينار في الهبوط وتصبح العملة المحلية في تراجع مستمر الى أن يتعدى الدولار الأمريكي حاجز الارتفاع إمام الدينار الليبي الى نسب لا يحمد عقباها في اقتصاديات ليبيا.
ونظرا للأوضاع السياسية المتأزمة في البلاد وانقسامات الهيئات والمؤسسات السيادية وتعددها وعدم مركزية القرارات السياسية والاقتصادية، تعمل بعض الأطراف السياسية استغلال هذه الأزمة المالية من تمرير أجنداتها استمرارية الصراع القاتم على السلطة وشرعية الحكم.
عملية صنع القرارات السياسية والاقتصادية ينبغي لها أن تصدر من نظام سياسي مستقر موحد مع جميع المؤسسات السيادية الليبية في وجود التنسيق الكامل بينها لتعمل على مكافحة الفساد وتفتح فرص كبيرة على رجال الأعمال والمستثمرين الليبيين والأجانب عمليات إستراتجية اقتصادية جديدة تمنحهم فرص إعادة بناء ليبيا في مختلف القطاعات الدولة الليبية.
وإذا أخذنا في الاعتبار وبدأنا بطبيعة النظام الاقتصادي الليبي، فأنه يمكن القول آن الاتجاهات الاقتصادية في ليبيا مفتوح على العالم ليستكمل الشعب الليبي حريته الاقتصادية وينهض على ساقية في القطاعان العام والخاص بكل مستوياته ومن إعادة الملكية الخاصة الى اصحبها الشرعيين ومنحهم العمل الاقتصادي الحر في إعادة تكوين الدولة الليبية الحديثة.
التغيرات هي تغيرات جوهرية للسياسيات الاقتصادية الليبية بحيث تقوم الدولة الليبية بدور مهم في تطوير وتوسيع الجهاز الإنتاجي لشركات الخاصة في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات الحقيقية وفي خلق الوظائف الحقيقية للعاملين للمساهمة في معالجة البطالة المقنعة داخل أروقة القطاعات العامة ونقل اغلبهم الى القاطع الإنتاجي الخاص.
ولدولة الليبية دور هام في تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق الموازية العامة وهو دور جوهري في الدعم وهو دعم يقوم على أساس الإعانات التي تمنحها الدولة الليبية للمستهلكين، والهدف من الدعم ضمان إعادة توزيع جز من الدخل القومي لصالح الفئات المحدودة الدخل والمتضررة، تلك الفئات الليبية أصبحت كثيرة اليوم في ضل الأزمة الاقتصادية الليبية والتي يجب على الدولة الليبية أن تعمل على زيادة قدرتهم الداخلية على مواجهة زيادة الأسعار.
ولدولة الليبية أيضا دور مساعدة أعباء المعيشية سواء في صور مباشرة من دعم المواد الغذائية الأساسية مع التعاون الكامل بالقطاع الخاص في توقير السلع الأساسية و تقليص التعريفات الجمركية والضرائبية والتسهيلات الاعتمادات ليستفيد منها المستحقين في عملية التوريد ومن الدعم الغير مباشر الحكومي الذي يزيد من سنة الى أخرى لمواجهة الزيادة السكانية في المدن الرئيسية وأيضا من ناحية زيادة الأسعار بصفة عامة في جميع أنحاء ليبيا.
يعكس هذا الاختيار إستراتيجية مبنية على أساس الركائز السابقة الذكر والتي تعد أكثر ملائمة مع طبيعة الشعب الليبي الذي يمر من مرحلة ونهج سياسي سابق الى نهج يتحقق فيه نهوض سريع بالنسبة لاقتصاديات الدولة الليبية النامية من مثل ليبيا التي تعمل الدولة الليبية الحديثة من استكمال جميع الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية.
أن الضرر الناجم من للاقتصاد الدولة الليبية هو الطاقة الرخيصة التي تصدرها ليبيا الى الخارج والطاقة المهربة الى الخارج بأسعار هزيلة مع تراجع الدخل القومي من العملة الصعبة الى الخزانة الليبية من الصادرات النفطية ومن احتياطيات النقد التي كانت ليبيا تستقطعها من الدخل القومي في الماضي من 20% الى أن وصلت الى 40% قبل أحاث فبراير من عام 2011.
والضرر الناجم من الدعم للاقتصاد ليبيا يفوق بكثير جدا عن الطاقة الرخصة التي أصبح توفرها يتزايد بصعوبة بسبب نقص وتديني الأسعار العالمية في الوقت الراهن وعدم وجود الاستثمارات الشريكات الخاصة الليبية في هياكل النظام الاقتصادي الليبية الرسمي.
ومن الممكن خفض الدعم الثقيل على كاهل الدولة الليبية بالرجوع الى دور القطاع الخاص الليبي والأجنبي على حد سوا بالتعاون الكامل مع حكومات الدولة الليبية المتعاقبة وهذا يعمل على حسم القضية الاقتصادية الليبية المتأزمة.
دعم اقتصاد ليبيا الداخلي هو دعم تعمل عليه الدولة الليبية تجنبا الى التوصل مع صندوق النقد الدولي الذي سيعمل على فرض إجراءات تقشف على ليبيا من زيادة الضرائب وخفض الدعم مقابل قروض تفرض على ليبيا تتعدى مبالغ المليارات الدولارات بسعر الفائدة.
بقلم الأستاذ رمزي حليم مفراكس